فصل: 292- باب تحريم تشبه الرجال بالنساء، وتشبه النساء بالرجال في لباس وحركة وغير ذَلِكَ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تطريز رياض الصالحين



.291- باب تحريم الخلوة بالأجنبية:

قَالَ الله تَعَالَى: {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فاسْألُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجابٍ} [الأحزاب: 53].
قال البغوي: أي من وراء ستر، فبعد آية الحجاب لم يكن لأحد أن ينظر إلى امرأة من نساء رسول الله صلى الله عليه وسلم، منتقبة أو غير منتقبة. انتهى.
وأما غيرهن من النساء، فالحجاب في حقهن مستحب لا واجب.
1628- وعن عقبة بن عامر رضي الله عنه أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إيَّاكُمْ وَالدُّخُولَ عَلَى النِّسَاءِ!» فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الأنْصَارِ: أفَرَأيْتَ الحَمْوَ؟ قَالَ: «الحَمْوُ المَوْتُ!». متفق عَلَيْهِ.
«الحَمْو»: قَريبُ الزَّوْجِ كَأخِيهِ، وابْنِ أخِيهِ، وَابْنِ عَمِّهِ.
قوله: «الحمو الموت». قال النووي: المراد به في الحديث أقارب الزوج غير آبائه وأبنائه؛ لأنهم محارم للزوجة يجوز لهم الخلوة بها، ولا يوصفون بالموت، وإنما المراد الأخ، وابن الأخ، والعم، وابن العم، وابن الأخت، ونحوهم ممن يحل لها تزويجه لو لم تكن متزوجة.
وجرت العادة بالتساهل فيه فيخلو الأخ بامرأة أخيه. فشبّه بالموت وهو أولى بالمنع من الأجنبي، فإن الخلوة بقريب الزوج أكثر من الخلوة بغيره. والشر يتوقع منه أكثر من غيره، والفتنة به أمكن، لتمكنه من الوصول إلى المرأة، والخلوة بها من غير نكير عليها، بخلاف الأجنبي.
1629- وعن ابن عباس رضي الله عنهما: أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لا يَخْلُونَّ أَحَدكُمْ بامْرَأَةٍ إِلا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ». متفق عَليْهِ.
في رواية الطبراني والبيهقي: «لا يخلونّ رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم، ولا تسافر امرأة إلا مع ذي محرم، ولا يدخل عليها رجل إلا مع ذي محرم». وأخرجه الطبراني من حديث أبي هريرة بلفظ: «لا يخلون رجل بامرأة فإن الشيطان ثالثهما».
1630- وعن بُريدَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «حُرْمَةُ نِسَاءِ المُجَاهِدِينَ عَلَى القَاعِدِينَ كَحُرْمَةِ أُمَّهَاتِهِمْ، مَا مِنْ رَجُلٍ مِنَ القَاعِدِيْنَ يَخْلُفُ رَجُلًا مِنَ المُجَاهِدِينَ في أهْلِهِ، فَيَخُونُهُ فِيهِمْ إِلا وَقَفَ لَهُ يَوْمَ القِيَامَةِ، فَيَأْخُذُ مِنْ حَسَنَاتِهِ مَا شَاءَ حَتَّى يَرْضى» ثُمَّ التَفَتَ إلَيْنَا رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقال: «مَا ظَنُّكُمْ؟». رواه مسلم.
في هذا الحديث: غلظ إثم الخالف للمجاهد في أهله بالخيانة، وأنه يأخذ من حسناته ما شاء، وطبعُ الإِنسانِ الحرصُ، والظن أنه لا يترك من حسناته شيئًا.

.292- باب تحريم تشبه الرجال بالنساء، وتشبه النساء بالرجال في لباس وحركة وغير ذَلِكَ:

1631- عن ابن عباس رضي الله عنهما، قَالَ: لَعَنَ رسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم المُخَنَّثِينَ مِنَ الرِّجَالِ، وَالمُتَرَجِّلاَتِ مِنَ النِّسَاءِ.
وفي رواية: لَعَنَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم المُتَشَبِّهِينَ مِنَ الرِّجَالِ بالنِّسَاءِ، والمُتَشَبِّهَاتِ مِنَ النِّسَاءِ بالرِّجَالِ. رواه البخاري.
المخنثين: بصيغة اسم الفاعل، وبصيغة اسم المفعول من يشبه خلقه النساء في حركاته وكلماته وإنْ كان ذلك خلقيًّا فلا لوم عليه، وعليه تكلف إزالته، فإن تمادى عليه ولم يتكلف إزالته ذم. وإنْ كان بقصد منه وتكلف له فهو المذموم.
قال ابن حبيب: المخنث هو المؤنث من الرجال، وإنْ لم تعرض منه الفاحشة، مأخوذ من التكسر في المشي ونحوه.
قوله: «المُتَشَبِّهِينَ مِنَ الرِّجَالِ بالنِّسَاءِ، والمُتَشَبِّهَاتِ مِنَ النِّسَاءِ بالرِّجَالِ».
قال الحافظ: قال القرطبي: المعنى لا يجوز للرجال التشبه بالنساء في لبس وزينة مختصات بهن، ولا العكس. وقال ابن أبي جمرة: ظاهر اللفظ الزجر عن التشبيه في كل شيء، لكن عرف من أدلة أخرى أن المراد التشبه في الزي وبعض الصفات والحركات ونحوهما، إلا التشبه في أمور الخير.
واللعن: يدل على أنَّ ما ذكر من الكبائر.
والحكمة في لعن من تشبه إخراجه الشيء عن الصفة التي وضعها عليه أحكم الحكماء، كما أشار إليه صلى الله عليه وسلم في لعن الواصلات بقوله: «المغيرات خلق الله». انتهى ملخصًا.
1632- وعن أَبي هريرة رضي الله عنه قَالَ: لَعَنَ رسُولُ الله صلى الله عليه وسلم الرَّجُلَ يَلْبَسُ لِبْسَةَ المَرْأَةِ، والمَرْأَةَ تَلْبِسُ لِبْسَةَ الرَّجُلِ. رواه أَبُو داود بإسناد صحيح.
فيه: وعيد شديد لمن لبس لباس المرأة تشبهًا بها، وكذا عكسه.
1633- وعنه قَالَ: قَالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «صِنْفَانِ مِنْ أهْلِ النَّارِ لَمْ أَرَهُمَا: قَومٌ مَعَهُمْ سِيَاطٌ كَأذْنَابِ البَقَرِ يَضْرِبُونَ بِهَا النَّاسَ، وَنِسَاءٌ كَاسِيَاتٌ عَارِيَاتٌ مُمِيلاَتٌ مَائِلاَتٌ، رُؤُوسُهُنَّ كَأَسْنِمَةِ البُخْتِ المائِلَةِ لا يَدْخُلْنَ الجَنَّةَ، وَلا يَجِدْنَ رِيحَهَا، وإنَّ رِيحَهَا لَيُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ كَذَا وَكذَا». رواه مسلم.
معنى «كَاسِيَاتٌ» أيْ: مِنْ نِعْمَةِ اللهِ «عَارِيَاتٌ» مِنْ شُكْرِهَا. وَقِيلَ مَعْنَاهُ: تَسْتُرُ بَعْضَ بَدَنِهَا، وَتَكْشِفُ بَعْضَهُ إظْهارًا لِجَمَالِهَا وَنَحْوِهِ. وَقِيلَ: تَلْبَسُ ثَوبًا رَقِيقًا يَصِفُ لَوْنَ بَدَنِهَا. وَمَعْنَى «مائِلاَتٌ»، قِيلَ: عَنْ طَاعَةِ اللهِ وَمَا يَلْزَمُهُنَّ حِفْظُهُ «مميلاَتٌ» أيْ: يُعَلِّمْنَ غَيْرَهُنَّ فِعْلَهُنَّ المَذْمُومَ. وَقِيلَ: مَائِلاَتٌ يَمْشِينَ مُتَبَخْتِرَاتٍ، مُمِيلاَتٌ لأَكْتَافِهِنَّ، وقيلَ: مائلاتٌ يَمْتَشطنَ المِشْطَةَ المَيلاءَ: وهي مِشطةُ البَغَايا، و«مُميلاتٌ» يُمَشِّطْنَ غَيْرَهُنَّ تِلْكَ المِشْطَةَ. «رُؤوسُهُنَّ كَأسْنِمَةِ البُخْتِ» أيْ: يُكَبِّرْنَهَا وَيُعَظِّمْنَهَا بِلَفِّ عِمَامَةٍ أَوْ عِصَابَةٍ أَوْ نَحْوِهَا.
قوله: «قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس»، أي: يضربونهم ظلمًا.
«ونساء كاسيات عاريات»، أي: يسترن بعض أبدانهن ويكشفن بعضها.
«مائلات مميلات»، أي: تشبهًا بالمختال من الرجال.
قال النووي: وهذا الحديث من معجزات النبوة، فقد وقع هذان الصنفان وهما موجودان في هذا الزمان.
وقال القاضي عياض: «مائلات مميلات»، أي: مائلات إلى الرجال مميلات بما يبدينه من زينتهن وغيرها.

.293- باب النهي عن التشبه بالشيطان والكفار:

1634- عن جابر رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «لا تَأكُلُوا بِالشِّمَالِ، فَإنَّ الشَّيْطَانَ يَأكُلُ بِالشِّمَالِ». رواه مسلم.
في هذا الحديث: النهي عن الأكل بالشمال.
وفيه: التصريح بأن الشيطان يأكل.
1635- وعن ابن عمر رضي الله عنهما: أنَّ رسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لا يَأكُلَنَّ أَحَدُكُمْ بِشِمَالِهِ، وَلا يَشْرَبَنَّ بِهَا، فَإنَّ الشَّيْطَانَ يَأْكُلُ بِشِمَالِهِ وَيَشْرَبُ بِهَا». رواه مسلم.
وفيه: النهي عن التشبه بالشيطان، فإنه لاستقذاره وخساسته يستعمل الخسيس في النفيس.
1636- وعن أَبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إنَّ اليَهُودَ وَالنَّصَارى لا يَصْبغُونَ، فَخَالِفُوهُمْ». متفق عَلَيْهِ.
المُرَادُ: خِضَابُ شَعْرِ اللَّحْيَةِ والرَّأسِ الأبْيَضِ بِصُفْرَةٍ أَوْ حُمْرَةٍ؛ وأمَّا السَّوَادُ، فَمَنْهِيٌّ عَنْهُ كَمَا سَنَذْكُرُهُ في البَابِ بَعْدَهُ، إنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى.
فيه: استحباب صبغ الشعر، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يصبغ شعره بالحناء والكتم.

.294- باب نهي الرجل والمرأة عن خضاب شعرهما بسواد:

1637- عن جابر رضي الله عنه قَالَ: أُتِيَ بِأَبِي قُحَافَةَ والِدِ أَبي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رضي الله عنهما، يَومَ فَتْحِ مَكَّةَ وَرَأسُهُ وَلِحْيَتُهُ كَالثَّغَامَةِ بَيَاضًا. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «غَيِّرُوا هَذَا وَاجْتَنِبُوا السَّوَادَ». رواه مسلم.
في هذا الحديث: الأمر بتغير الشيب بالصبغ واجتناب السواد.
وقال البخاري: باب الخضاب. وذكر حديث أبي هريرة.
قال الحافظ: الخضاب: تغيير لون مشيب الرأس واللحية. ولأحمد بسند حسن عن أبي أمامة قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم على مشيخة من الأنصار بيضٌ لحاهم، فقال: «يا معشر الأنصار، حمَّروا وصفَّروا، وخالفوا أهل الكتاب».
إلى أن قال: «والأولى كراهة الصبغ بالسواد».
ومنهم من فرق في ذلك بين الرجل والمرأة، فأجازه لها دون الرجل. انتهى. يعني إذا لم تدلس به.

.295- باب النهي عن القَزَع، وَهُوَ حلق بعض الرأس دون بعض، وإباحة حَلْقِهِ كُلّهِ للرجل دون المرأة:

1638- عن ابن عمر رضي الله عنهما قَالَ: نهَى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن القَزَعِ. متفق عَلَيْهِ.
1639- وعنه قَالَ: رأَى رسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم صَبِيًّا قَدْ حُلِقَ بَعْضُ شَعْرِ رَأسِهِ وَتُرِكَ بَعْضُهُ، فَنَهَاهُمْ عَنْ ذَلِكَ، وقال: «احْلِقُوهُ كُلَّهُ، أَوِ اتْرُكُوهُ كُلَّهُ». رواه أَبُو داود بإسناد صحيح عَلَى شرط البخاري ومسلم.
قال النووي: وقد أجمع العلماء على كراهة القزع، إلا أنْ يكون لمداواة ونحوها.
قال الحافظ: واختلف في علة النهي، فقيل: لكونه يشوه الخلقة. وقيل لأنه زي الشيطان. وقيل: لأنه زي اليهود. وقد جاء هذا في رواية لأبي داود.
1640- وعن عبد الله بن جعفر رضي الله عنهما: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم أمْهَلَ آلَ جَعْفَر ثَلاَثًا ثُمَّ أتَاهُمْ فَقَالَ: «لا تَبْكُوا عَلَى أخِي بَعْدَ اليَوْمِ» ثُمَّ قَالَ: «ادْعُوا لِي بَنِي أَخِي» فَجِيءَ بِنَا كَأنَّا أفْرُخٌ فَقَالَ: «ادْعُوا لِي الحَلاقَ» فَأمرَهُ، فَحَلَقَ رُؤُوسَنَا. رواه أَبُو داود بإسناد صحيح عَلَى شرط البخاري ومسلم.
في هذا الحديث: إباحة حلق رؤوس الصبيان.
1641- وعن عليٍّ رضي الله عنه قَالَ: نَهَى رسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أنْ تَحْلِقَ المَرْأةُ رَأسَهَا. رواه النسائي.
في هذا الحديث: النهي عن حلق شعر رأس المرأة ما لم تدع إليه حاجة.